تمر بنا الأوقات سراعا ، وتتكرر الأيام تباعا ، فنذهل عن تعاقبها كالمحدق بالكرة الدائرة يحسبها ساكنة ، أو كالمغتسل في النهر يمر به جاريا فلا يميز بين منحرفة وآتية ، والحق إنا لفي غفلة وسبات عميق .
عناية القرآن والسنة بالوقت
مما لا شك فيه ولا ريب لكل ذي عقل لبيب أن القرآن الكريم والسنة الشريفة قد عنيا بالوقت أشد العناية ، وفي مقدمة هذه العناية بيان أهميته ، وأنه من أعظم نعم الله التي من بها علينا ولبيان ذلك أقسم الله جل جلاله وتعالى شأنه في مطالع سور عديدة من القرآن بأجزاء معينة منه مثل الليل والنهار ، الفجر ، والضحى ، والعصر .
ومن المعروف لدى المفسرين بل وفي نظر المسلمين أجمعين ، أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه فما ذلك إلا ليلفت أنظارهم إليه ، وينبههم لجليل منفعته وعظم أثاره .
وجاءت السنة النبوية تؤكد قيمة الوقت ، وتقرر مسئولية الإنسان عنه أمام الله جل وعلا يوم القيامة ، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا فعل به " [1] .
وهكذا يسأل الإنسان عن عمره بعامة ، وعن شبابه بخاصة ، والشباب جزء من العمر ولكن له قيمة متميزة لكونه سن النشاط والعطاء والحيوية المتدفقة .
مميزات الوقت
وللوقت مميزات يتميز بها ، يجب علينا أن ندكرها حق إدراكها فهو سريع الانقضاء ، يمر مر السحاب ، ويجري جري الريح ، واعلم أن ما مضى من الوقت لا يعود وهذه ميزة أخرى من ميزات الوقت ، فكل وقت يمضي ، وكل ساعة تنقضي ، وكل لحظة تمر ، ليس في الإمكان استعادتها ، ولا يمكن تعويضها