خاطرة من زمان امرأة
لم تكن تحلم بالقصور الفخمة ولا بالحدائق المعلقة ولا بالسيارات الفارهة ولا بفارس يأتي من فوق السحاب على جواد ابيض ليحملها ويطير. بل كانت تحلم بآدميتها فقط.
حوصرت من كل الاتجاهات الأربع ، في رأيها، وفي تعليمها، وفي اختيارها، وفي داخلها، حتى اسمها لم يكن لها الخيار فيه. بدأت تلتف في جسدها كشمس تلتف حول غيمة، فتزيل من حولها كل الخطوط السوداء، تبهر من ينظر إليها، صدر مكتنز وشفاه كحبات الكرز الأحمر وقوام ممشوق كعود الرمان الأخضر وكل هذا وذاك لم تشعر بأنوثتها وآدميتها.
بدأت تكبر والحصار معها يكبر فأصبحت القنبلة الموقوتة في البيت ، أصبحت الهم الأكبر والأعظم لهم وكل ذلك لأنها أنثى فقط.
لم يرحموها في طفولتها ولم يرحموها في شبابها فهل يرحمونها في موتها؟ لم تكن تعرف جسدا غير جسدها ولا كلاما غير صوتها، كانت تفتش عن أشياء بداخلها لعلها تجد ضالتها وتعرف سبب حصارها وترتاح من أسئلة لم تعرف لها إجابة، فلم تجد شيئا مختلفا فيها عن باقي البشر إلا شيء واحد أنها أنثى.
قرروا عنها واختاروا لها وحملت بالوصايا العشر والطاعة والولاء وكأنها راحلة الى الشطر الآخر من العالم مبحرة بدون قارب وبدون بوصلة لا تعرف أين سترسو تائهة بين الأقطاب الأربع ولها أمل واحد أن القدر سيسعفها أن تجد حريتها وآدميتها.
رست على شاطئ الذل والمهانة مرة أخرى دون أن تعرف لهذا العالم غير هذا الوجه القبيح، وحش آدمي يلتهم جسدها بكل شراسة ويتركها مذبوحة تحملق في جدران الغرفة فعرفت أنها انتقلت الى المجهول.
لم ترحمها صرخاتها ولم ترحمها أناتها ولم يرحمها عجزها ولم يرحمها الخوف الذي بداخلها.
أصبحت أم قبل الأوان،أحبت صغيرها حتى الجنون لعله يعوضها عن سنين الذل والحرمان. ولكن القدر لها بالمرصاد فنزعوا أمومتها من بين ضلوعها وكأن الأمومة شيء يعطى بقرار ويأخذ بقرار. لم يفكروا ولو لمرة أنها من البشر لها أحاسيسها ومشاعرها وأمومتها التي وهبها الله لها وليس قرار من صنع البشر.
صاحت، صرخت، بكت، ولكن دون جدوى تاهت في طرقات المدينة تبحث عن أنوثتها وآدميتها وأمومتها ولكن أصوات أبواق السيارات كانت أعلى من صوتها، لم يسمعها احد ، ولم يلتفت إليها احد، فقررت أن تبحث عن آدميتها في الموت لعلها تجده هناك بعيدا عن هذا العالم القبيح. ولكنها لم تجد آدميتها هناك أيضا فكما قرر لها أن تعيش قرر لها كيف تموت وحملت على الأكتاف حتى في موكبها الجنائزي لم يمكن امرأة واحدة فيه.
ذبحوها في حياتها ودفنوها في مماتها فقد كان قرارهم في هذا الجسد المسجى على الأرض كيف وأين سيدفن وفي أي قبر يوضع. قرروا عنها كل شيء من ولادتها حتى مماتها وماتت ولم تعرف حتى اليوم ما هو الشيء المختلف فيها عن باقي البشر إلا أنها أنثى. فهل انتم تعرفون؟؟؟
(منقول)
لم تكن تحلم بالقصور الفخمة ولا بالحدائق المعلقة ولا بالسيارات الفارهة ولا بفارس يأتي من فوق السحاب على جواد ابيض ليحملها ويطير. بل كانت تحلم بآدميتها فقط.
حوصرت من كل الاتجاهات الأربع ، في رأيها، وفي تعليمها، وفي اختيارها، وفي داخلها، حتى اسمها لم يكن لها الخيار فيه. بدأت تلتف في جسدها كشمس تلتف حول غيمة، فتزيل من حولها كل الخطوط السوداء، تبهر من ينظر إليها، صدر مكتنز وشفاه كحبات الكرز الأحمر وقوام ممشوق كعود الرمان الأخضر وكل هذا وذاك لم تشعر بأنوثتها وآدميتها.
بدأت تكبر والحصار معها يكبر فأصبحت القنبلة الموقوتة في البيت ، أصبحت الهم الأكبر والأعظم لهم وكل ذلك لأنها أنثى فقط.
لم يرحموها في طفولتها ولم يرحموها في شبابها فهل يرحمونها في موتها؟ لم تكن تعرف جسدا غير جسدها ولا كلاما غير صوتها، كانت تفتش عن أشياء بداخلها لعلها تجد ضالتها وتعرف سبب حصارها وترتاح من أسئلة لم تعرف لها إجابة، فلم تجد شيئا مختلفا فيها عن باقي البشر إلا شيء واحد أنها أنثى.
قرروا عنها واختاروا لها وحملت بالوصايا العشر والطاعة والولاء وكأنها راحلة الى الشطر الآخر من العالم مبحرة بدون قارب وبدون بوصلة لا تعرف أين سترسو تائهة بين الأقطاب الأربع ولها أمل واحد أن القدر سيسعفها أن تجد حريتها وآدميتها.
رست على شاطئ الذل والمهانة مرة أخرى دون أن تعرف لهذا العالم غير هذا الوجه القبيح، وحش آدمي يلتهم جسدها بكل شراسة ويتركها مذبوحة تحملق في جدران الغرفة فعرفت أنها انتقلت الى المجهول.
لم ترحمها صرخاتها ولم ترحمها أناتها ولم يرحمها عجزها ولم يرحمها الخوف الذي بداخلها.
أصبحت أم قبل الأوان،أحبت صغيرها حتى الجنون لعله يعوضها عن سنين الذل والحرمان. ولكن القدر لها بالمرصاد فنزعوا أمومتها من بين ضلوعها وكأن الأمومة شيء يعطى بقرار ويأخذ بقرار. لم يفكروا ولو لمرة أنها من البشر لها أحاسيسها ومشاعرها وأمومتها التي وهبها الله لها وليس قرار من صنع البشر.
صاحت، صرخت، بكت، ولكن دون جدوى تاهت في طرقات المدينة تبحث عن أنوثتها وآدميتها وأمومتها ولكن أصوات أبواق السيارات كانت أعلى من صوتها، لم يسمعها احد ، ولم يلتفت إليها احد، فقررت أن تبحث عن آدميتها في الموت لعلها تجده هناك بعيدا عن هذا العالم القبيح. ولكنها لم تجد آدميتها هناك أيضا فكما قرر لها أن تعيش قرر لها كيف تموت وحملت على الأكتاف حتى في موكبها الجنائزي لم يمكن امرأة واحدة فيه.
ذبحوها في حياتها ودفنوها في مماتها فقد كان قرارهم في هذا الجسد المسجى على الأرض كيف وأين سيدفن وفي أي قبر يوضع. قرروا عنها كل شيء من ولادتها حتى مماتها وماتت ولم تعرف حتى اليوم ما هو الشيء المختلف فيها عن باقي البشر إلا أنها أنثى. فهل انتم تعرفون؟؟؟
(منقول)