واشنطن - معا- موفدنا ناصر اللحام- منذ ان نزل الرئيس ابو مازن والوفد الفلسطيني في فندق RITZ-CARLTON في بنتاغون سيتي بواشنطن ، انتشرت كلمة "مش عارف" كالنار في الهشيم بين المسؤولين والصحافيين ولا تزال هذه الكلمة سيدة الموقف حتى الان؟ هل ستنجح المفاوضات؟ لا اعرف، هل نتنياهو جاد وصادق ؟ لا اعرف ، هل يريد الرئيس ان يكشف عن مفاجئات ؟ لا اعرف .
هل تعتبر مشاركة العاهل الاردني والرئيس المصري دليل على وجود حل اقليمي؟ لا اعرف ، لماذا لا تهتم الصحافة الامريكية بالقمة؟ لا اعرف، لماذا سارعت الصحافة الاسرائيلية الازدراء بالقمة ثم استماتت على تغطيتها ؟ لا اعرف.
ومقر اقامة الرئيس هنا مثل خلية النحل ، حتى يمكن القول ان الرئيس وطاقمه في حالة انعقاد دائم وفيما ينشغل الدكتور صائب عريقات مع سفيرنا معن عريقات في صولات وجولات لا نعرف الى اين، وترى د. نبيل شعث يحاول مع كل لقاء ان يحافظ على روحنا المعنوية عالية وعلى نبرة صوته الثابته.
اما ياسر عبد ربه فيمكن القول انه مراّة الوفد ، فكل ملامح وجهه تشارك في تفسير ما يفسر ولا يفسر، بينما يعكف الرئيس بصمت على قراءة تقارير تصله كل دقيقة ومن كل الاتجاهات ولا يكاد مدير مكتبه حسن حسين ان يجد متسعا لشرب فنجان قهوة معنا من شدة العمل، ولا يطلب حسين المساعدة بل يسارع الى المساعدة لكل من يطلب العون.
وامام اكثر من 300 صحفي من 300 وكالة انباء ووسيلة اعلام يحاول نبيل ابو ردينة، ان لا ينثر الاوهام جزافا دون ان يمنع الامل .
الرئيس اصطحب معه خمسة صحافيين للمشاركة فيما نتنياهو اصطحب معه 40 صحافيا واما الوفد المصري فيصل نحو 90 مع الرئيس مبارك كما ان الوفد الاردني الصحافي المرافق للملك ملأ بهو فندق الفور سيزير.
الصحافة الامريكية حاولت ان تعطي كل وقتها وصفحاتها لموضوع الانسحاب من العراق حتى ان الصحف الامريكية هنا خلت في اليوم الاول من اخبار التحضير للقمة ويشعر كبار الصحفيين الاسرائيليين هنا ان العالم الغربي ترك الرئيس عباس وحيدا بل ان د. بيل بيمان كان قد كتب قبل عملية بني نعيم يدعو الى مفاوضة حماس ايضا من اجل اشراكها في محاربة الارهاب الا ان الامر اختلف بعد العملية حيث يدين الامريكيين العملية بشدة .
الصحافة الامريكية لم تفاجيء العديد من القمة، ولكن وبعد خطابات الزعماء بدات ماكينات الاعلام الامريكي الجبارة تتحرك ببطء وحين سالت احد الصحافيين الامريكيين عن "الفتور" الامريكي في تغطية القمة اجابني " نحن لا نبيع الاوهام لجمهورنا وحين نتأكد من هذه القمة ستؤدي الى نتيجة سننقل الخبر بقوة للجمهور الامريكي".
الزعماء وقفوا امام الكاميرات فيما يجلس 16 رجلا اداروا ظهورهم للصحافة ، فكان على الجميع ان يفهم الاشارة وان البيت الابيض يريد ان يقول لنا" هؤلاء الرجال يصنعون المفاوضات ويديرون ظهورهم للكاميرات" وبينما كان يتهامس الصحافيون الاسرائيليون ويتسائلون اذا كان صائب عريقات اجتمع سرا مع المفاوض مولخو ونحن نرد" مش عارف" دخل مولخو قاعة المؤتمر وعانق د. عريقات فضحك الصحافيون في اشارة الى ان النبأ قد يكون صحيحا الا ان مكتب نتنياهو سارع لنفي الخبر.
وفيما كانت "ناديا" من السفارة الفلسطينية بواشنطن تتابع مع الدكتورة امل جادو المهمة الصعبة في ترتيب دخولنا وخروجنا من البيت الابيض وجدنا الصحافيين الاسرائيليين يكاد يقتلهم الفضول لمعرفة ما الذي يحدث فنرد عليهم بلسان واحد "مش عارف" وحين نسألهم: هل نتنياهو جاد في صنع السلام يسارعون للرد بلسان واحد " مش عارفين" .
واذا كان الصحافيون لهم راي فاننا وعن قرب وجدنا من خلال لغة الجسد للقادة الانطباعات التالية بعد القاء خطاباتهم:
اوباما: رئيس عاطفي يحاول ان ينفعل بوجدانه مع المفاوضات، ولكنه اختار كلماته بدقة متناهية وحاول بكل جهده كيل الثناء لوزيرة خارجيته هيلاري وللسناتور ميتشل ، بل انه لعب دور المضيف والمصلح اكثر مما كان زعيم الولايات المتحدة .
الرئيس مبارك: الاكثر تجربة والاكثر نصحا للقادة الشبان، ورغم البرنامج المضغوط للقمة اولى اهتماما بالغا بالرئيس عباس ونزل لاستقباله ورعايته واكد على ان مصر مع الفلسطينيين دائما، ورغم ان نجله جمال حضر معه الى واشنطن الا انه لم يحضر معه للبيت الابيض بل حضر معه الوزيران عمر سليمان واحمد ابو الغيط .
الرئيس عباس: كان حذرا في خطابه الموجز وكان خطابه اقل وقتا من باقي الخطابات بل انه مختصر وحذر ، فالرئيس ابو مازن هو الذي وقع اتفاقية اوسلو وكانه اراد ان يقول من نفس المكان للعالم "لا اريد وعودا مجردة ولن ابيع الوهم لشعبي، اريد ان ارى نتائج سريعة على الارض وقد استغرب المحللون لا سيما الاسرائيليون منهم ان باتي ابو مازن على ذكر الاسرى في خطاب تاريخي في البيت الابيض".
الملك عبدالله : قائد فكرة انتهاء الاحتلال مقابل علاقات لاسرائيل مع 57 دولة عربية واسلامية، هو الوحيد الذي جاهر بضرورة محاربة الارهاب والمتطرفين وقد استطاع من خلال خطابه باللغة الانجلزية ان يوصل التحذير للامريكيين والاسرائيليين بان تكلفة الفشل ستكون غالية جدا.. الملك كان صريحا ولم يحاول او يناور او يختار الكلمات العاطفية بل قال لنتنياهو اذا اردت ان تاخذ فيجب ان تعطي بالمقابل.. ولمن يعرف اكثر فانه استخدم نظرية نتنياهو في الرد على نتنياهو لان الاخير هو صاحب عبارة "اذا اردت ان تاخذ يجب ان تعطي".
نتنياهو : كان خطابه قويا بل قويا جدا واستطاع من خلال الخطاب باللغة الانجليزية ومن خلال توزيع خطابه قبل ساعات لوسائل الاعلام ان "يأكل الجو" وان يحقق صدى واسعا.
وبغض النظر عن صدقه او عدم صدقه يعتبر خطاب نتنياهو من اخطر الخطابات واشدها تعقيدا على رؤساء التحرير فقد فتح جميع الابواب مرة واحدة دون ان يلزم نفسه بالدخول في اي باب .